أخي/أختي تعالوا معي في نزهة قصيرة إلى موضوعٍ جلل .....
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فالوقت أضيق من المقدمات، فتعالوا نستقبل رمضان
بتجويد التوبة
التوبة أول واجب للاستعداد لرمضان، وهي وظيفة العمر، اللهم تب علينا توبةً نصوحاً
قال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]
وليست التوبة كما تفعل دائما: تبت.. تقول: أستغفر الله بلسانك، وقلبك غافل لاه..
أو تظن أن التوبة هي التوبة من النظر للمتبرجات أو التوبة من الكذب والغيبة و..
إنني أريد التوبة هذه المرة من حياتك.. من نمط الحياة التي تعيشها.. من نمط التفكير.. من الآمال العريضة
التوبة من هذه الحياة
جدد التوبة.. حسِّن التوبة.. اصدق التوبة، إنك تحتاج أن تتوب من أشياء لم تخطر لك على بال، ولم تحسبها يوماً من ذنوبك..
هل فكرت في التوبة من تضييع الأوقات؟ كم تضيع من الوقت في ليلك؟
كم تضيع من الوقت في الشرود الذهني في وقت الفراغ؟
وساعات المواصلات التي تمر من غير ذكر ولا تعلم؟
وساعات النوم التي تضيع من العمر من غير نية صادقة؟
وتلك التي تضيع في (التليفونات)، والرنات، وإرسال الرسائل، بل وقراءة الرسائل، واللعب (بالتلفون)؟
وتلك الأخرى التي تضيعها في تصفح الشبكة السرطانية؟
ماذا بقي من وقتك بعد كل هذا لله ؟!
وقتك، وقتك.. كنزك الذي تضيعه هباءً، قال صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" [البخاري]
وما رمضان إلا ساعات مثل التي ألِفت تضييعها. درّب نفسك على المعاتبة على تضييع الأوقات
هل فكرت في التوبة من آفات لسانك؟ هل جربت أن تكتب رسالة على (التليفون) ووجدت نفسك تحاول أن تنقص من الحروف شيئا يسيرا لكي تضبط الرسالة وفق التكلفة التي ترغب؟
إن كل كلمة تقولها تكتب، وصدق بعض السلف: "لو أنكم تشترون المداد للكرام الكاتبين لسكتم".
الكلام يُكلفك سيئات..دعونا من المراوغة وتعالوا نتكلم بصراحة:
إن وجود (التليفون) في يد كثير من الناس مجرد (منظرة) وتقليد أعمى ولعب، فليس صاحبنا رجل أعمال خطير ولا شخصية مهمة، ولا يمثل التليفون بالنسبة له أي دور ولا أثر، فما الذي كان؟ الآفات الثلاث التي يكرهها الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله كره إليكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" .[متفق عليه]دعونا من المراوغة وتعالوا نتكلم بصراحة:
القصص والحكايات والمنامات والمناقشات.. إلخ..) !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" [الترمذي وصححه الألباني]
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب" [ابن ماجة وصححه الألباني]
فاتقوا الله يا قومنا، ونزهوا ألسنتكم عن فضول الكلام، فضلاً عن الفحش والبذاء والتهريج والمزاح.
دعونا نكون صرحاء !
ليست هناك علاقة بريئة، كلها علاقات محرمة، إننا يا قوم عبيد، يحكمنا دين يقوم على أمر ونهي، وليس الحاكم في ذلك العادات والتقاليد، أو الهوى والشهوات..
فتجب التوبة قبل دخول رمضان من كل علاقة آثمة حتى يطهر القلب..
حتى قلبك يحتاج إلى توبة
توبة من الخواطر، وأحلام اليقظة التي يستمتع بها بعض الناس.
أخي الحبيب: لا يقتلك الوهم، عش الحقيقة وإياك من الخواطر الرديئة، اجعل خواطرك تحت السيطرة، لا تدعها تخرج من تحت يدك، إنك إذا تركت الخواطر ترعى في قلبك وعقلك بغير ضابط ولا رابط؛ فستعيش الوهم وتصدقه..
كم من الناس قتلهم وهم (المشيخة)، وهم ليسوا على شيء؟ وآخرون قتلهم وهم طلب العلم وعاشوا أحلام اليقظة في ثياب فضفاضة ليست من ثيابهم.
أخي الحبيب.. قبل رمضان عش الحقيقة، وانس الوهم، وتب إلى الله، واستعن بالانشغال بالأعمال على الخروج من الأوهام..
يحتاج قلبك أيضا أن يتوب من التعلق بغير الله:
قال سبحانه: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا = كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 81، 82]
فإياك أخي الحبيب والتعلق بغير الله، الكل سيخذلك ويتخلى عنك إلا الله العظيم، فلا تنشغل بالآخرين، واجعل انشغالك بمن ينفعك انشغالك به، تب من التعلق بالأسباب والتعلق بغير الله.
قل لقلبك أيضاً: تب من الأماني والتسويف وطول الأمل:
إخوتي في الله: أحذركم من السين وسوف، قال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، وإن قوماً غرتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، قالوا: (نحسن الظن بالله) وكذبوا؛ لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.